صوت عربي من خارج الحدود في صناديق انتخابات مصر …

على بساط الثلاثاء

101

 

 

صوت عربي من خارج الحدود

في صناديق انتخابات مصر …

 

 

 

 

 

 

 

( 1 )

                  عندما تكون مصر على مفترق طرق ، فإن الأمة العربية من المحيط إلى الخليج تكون محتشدة على ذات المفترق ، وتتوزع على ذات المفارق ، فعندما أطلق جمال عبد الناصر صرخته الشهيرة “أرفع رأسك يا أخي” لم يلب النداء عرب مصر ، وحسب ، وإنما ترددت الأصداء بين المحيط والخليج ، ليرفع عرب الأرض والتاريخ رؤوسهم ، ثورات وانتفاضات وحركات تحرر ومقاومة ونهوض اجتماعي وثقافي وفني وعلمي … ، وعندما ارتد أنور السادات وخليفته مطأطئي الرأس أما م المشروع الصهيوني المرتبط بمشاريع الهيمنة الدولية ، امتد ذلك الارتداد من “كامب ديفد” إلى “أوسلو” إلى “وادي عربة” ، وإلى ما يسمونه الآن “المبادرة العربية” للصفقة الشاملة مع الصهاينة ، والتي بصم عليها جميع المتحكمين بالأمة العربية ، ولا أقول “الحكام العرب” ، لأنهم ليسوا كذلك …

( 2 )

                     وإذا كانت مرحلة النهوض القومي العربي قد فتحت أبواب الأحلام على مصاريعها أمام أحلام الشعب العربي الذي يتوق إلى الحرية والسيادة والعدالة والتحرر ، وأقلقت الصهيونية والمتحكمين بالأمة بين المحيط والخليج ، فإن الردة السادية عكست الصورة تماماً ، فانغلقت أبواب النهوض والتحرر والتنوير ، وانفتحت الأبواب على مصاريعها أمام المشاريع الصهيونية ، وتسلطن المتحكمين بالأمة العربية بين المحيط والخليج ، وتم استبدال رموز النهضة والتنوير برموز الفتن والتكفير وتفجير المساجد والكنائس لاستكمال نهج المستبدين والطغاة في قمم السلطات ، ولإشباع نهم الغزاة والطامعين من مختلف أرجاء الأرض ، لهذا ، فإن الفرحة بالردة التي حدثت في مصر على يد أجهزة السلطة لم تقتصر على الصهاينة في فلسطين ، وإنما شملت الصهاينة المتصهينين في وطن العرب بين المحيط والخليج ، فلم يعد المركز الناصري يشعّ نوراً للتغيير باتجاه الحرية ، وإنما تحّول قصر القبة إلى مستنقع ينشر الاستلاب والأوبئة الصهيونية ، ويحتضن الهوائم المتحكمة بمصير الأمة العربية ، وبقدر ما كان الشعب العربي يشعر بالإحباط والصدمة ، لما كان يحدث  في المركز العربي – مصر –  بقدر ما كان المتحكمين بالمصير العربي يعبرّون عن فرحتهم بالتخلص من خطر القومية العربية التي تهدّد عروشهم ، والتي انهارت منارتها المركزية في القاهرة … وبالتالي لم تكن الفرحة في “كنيست الصهاينة” أكبر منها في قصور المتحكمين بالمصير العربي … وبات كل واحد منهم يدعيّ أنه البديل عن مصر ، حتى انتهى الأمر إلى أن يدعيّ كل من هب ودب لعب ذلك الدور المركزي العربي الذي كان للقاهرة ، فانتفخت منهم الأوداج ، وضمرت العقول .

( 3 )

                 مصر الآن على مفترق طرق ، وما تسّنه الآن ، كما في الأمس ، لن يقتصر عليها ، لهذا ، فإن عربان القصور يراهنون على أن تبقى الحال على ما هي عليه … ذهب الأب ، وجاء الابن … ، أما عرب الأرض والتاريخ ، فترنوا عيونهم إلى انتفاضة عربية في مصر تكنس كل هذا الزبد من ارض الكنانة ، فتعود المنارة تشع نوراً وتحرراً ونهوضاً وحرية ، على وطن العرب الممتد … لهذا ، فإننا عندما نتابع الاعتصامات والمظاهرات والترشيحات والانتخابات والهتافات ، ينتابنا الحلم بموقع بين هذه الجموع العربية الحبيبة التي ترنوا إلى الحرية ، ليس في مصر ، وحسب ، وإنما في وطن العرب الممتد … إننا بذلك لا نتدخل في الشؤون الداخلية لمصر ، وإنما نمارس حقنا في تغييّر شؤون العرب أجمعين … إننا بذلك نرسم المستقبل الجديد للأمة العربية جمعاء …

( 4 )

              ونحن لا يمكن أن ننسى تلك النظرات الشامتة التي كانت تواجهنا ، نحن  العرب القوميين عندما دخل أنور السادات “كامب ديفد” ، ولم يعد ، كانت أياماً حزينة بالنسبة إلينا ، بينما كانت عيونهم في قصور الحكام تتدفق فرحاً ، لقد خرجت مصر ، قالوها بنشوة ، وبات لكل متحكم بجزء من الوطن العربي أن يغني على ليلاه ، يعقد الصفقات التي يريد ، ويمارس الفجور الذي يؤمّن له تأبيد تسلطه على الشعب العربي في ذلك الجزء ، بل ، وأكثر من ذلك ، يدعي من شاء ، ما يشاء من البطولات الخلبيّة …

                لقد حاولنا في تلك الأيام الحزينة من سبعينات القرن المنصرم أن نتمّسك بالأمل ، ونبحث عن الجانب الإيجابي المتمثل بفرز القوى في الوطن العربي ، والتخلص من ذلك التداخل المخلّ بين عرب الأرض والتاريخ ، وبين قوى متعددة المصالح والأشكال نبتت كالفطور السامة بين المحيط والخليج ، فتحدثنا عن “السقوط الأخير للإقليميين في الوطن العربي” ، وعن معركة مكشوفة مع القوى المعادية للأمة ، لكن تعثرّ مشروع النهوض والتنوير القومي في الانطلاق ، أتاح الفرصة ، ليس للإقليميين فقط ، ولكن أيقظ سائر خلايا الفتن النائمة من إقليمية ودينية وطائفية وإثنية ومذهبية وقبلية وعائلية وفردية واستبدادية ، كي تملأ الفراغ ، وتبحث عن المدد من قوى الهيمنة الإقليمية والدولية التي استغلت الفرصة ، وبات وطننا العربي ساحة للصراع على الكعكة العربية ، والثروات والمواقع الإستراتيجية العربية باتت مباحة لكل من هب ودب في هذا العالم  …

( 5 )

                لهذا كله ، فإن معركة التغييّر في مصر اليوم ، هي معركة في مصر ، وعلى مصر ، بين مشروع الأمة العربية النهضوي التحرري التنويري التقدمي ، من جهة ، وبين رموز الفتن والتخلف في الداخل العربي مدعومة بقوى الهيمنة الإقليمية والدولية ، من جهة أخرى ، لأن جميع الأطراف تدرك أن تغييّر بنية النظام السياسي في مصر ، سيكون له ما بعده في دنيا العرب ، والتململ الشعبي الذي يتصاعد على ضفاف النيل له امتداده الشعبي بين المحيط والخليج ، وهو الذي سيقرّر مصير الأمة العربية ، وليس مصير مصر ، وحسب ، ولهذا ، فإننا نعلن جهاراً نهاراً أننا سندلي بصوتنا العربي في صناديق الاقتراع في النجوع والدساكر والأرياف والمدن والصحاري والبلدات وفي سائر أرجاء مصر …

                   

                 إنني أدرك صعوبة المهمة ، وأدرك أن وحوش الاستبداد المديد في مصر خاصة ، وفي الوطن العربي عامة ، قد جردّوا المجتمع العربي من المؤسسات المجتمعية والسياسية والثقافية والفكرية والاقتصادية والنقابية وحولوها إلى مجاميع شكلانية ، لا مصداقية شعبية لها ، ولا تمثيل حقيقي ، بل تحولت إلى بؤر للفساد والإفساد وأدوات ، إما بيد المستبدين ، وإما بيد قوى الظلام والتخلف ، وإما جماعات مشتتة ، شللية ، لا فاعلية حقيقية لها على أرض الواقع … وبما أن الديمقراطية ليست صندوق اقتراع ، وحسب ، وإنما بنية تحتية ومجتمعية وثقافية واقتصادية وسياسية شاملة ، فإن مهمة الشعب العربي في مصر العزيزة ذات طبيعة مركبّة ومعّقدة ، فهذا الجيل العربي بين المحيط والخليج وفي المركز العربي مصر تحديداً لم يتاح له تجريب الاختيار الديمقراطي ، وبالتالي لا يمتلك تجربة في معرفة كيف ينتخب ومن ينتخب ، ولا يدرك أهمية صوته الانتخابي ، فقد تعّود أن نتائج الانتخابات محسومة ، ومزورة ، وأنه يساق إلى صندوق الاقتراع ، ليكون مجرد شاهد زور على انتخابات مزورة من الألف على الياء ، فقد ولد وترعرع وشب وشاب في ظل سلطات ملكية وجمهورية وجماهيرية وسلطانية تتعدّد الأسماء ، وأزياء الحكام فيها ، وتتوزع ولاءاتهم شرقاً وغرباً على امتداد العالم ، إلا الولاء للشعب العربي ، فهم جميعاً عليه ، وليس له ، يشتركون في مميزات ومواصفات مشتركة لا يحيد واحد منهم قيد أنملة عنها ، وهي أن كل واحد منهم متأله على الجزء الذي يتحكم فيه من الشعب العربي ، وأنه يمتلك البشر والحجر في الحيز الذي اقتطع له من وطن الأمة العربية ، وأن له على الشعب العربي حق الطاعة وتنفيذ أوامر حاشيته وامتداح فساد أجهزته ، وبموجب هذا قد لا يدرك الشعب العربي بين المحيط والخليج ، المدلولات الحقيقية للانتخاب ، أو الاختيار ، فهناك من ينتخب عنه وباسمه ويزوّر إرادته ثم ينسب هذا الاختيار إليه ، ولهذا ، وبهذا المعنى قد يكون الشعب العربي من أسعد شعوب الأرض قاطبة طالما أن هناك من يتولى كافة الأمور نيابة عنه ، فما عليه سوى الطاعة وتقديم الولاء للذين يفكرون عنه ، ويقررون بالنيابة عنه ، ويبيعون الأوطان ، ويعقدون الصفقات ، ويتاجرون بالبشر والحجر ، فهم الذين يعرفون مصلحة الشعب “القاصر ، الفاقد للأهلية” التي تؤهله حكم نفسه بنفسه …

( 6 )

                إذا كانت الأمور كذلك ، وهي كذلك فعلاً ، فعلى ماذا نراهن ؟ ، وكيف يمكن للشعب العربي في مصر أن يقلب هذه المعادلة البالغة السوء والمدججّة بأحدث أنواع الأسلحة والمخبرين والبصاصّين والجلادين والمافويين الذين اخترقوا النسيج الاجتماعي للمجتمع العربي في الكنانة ، وفي وطن العرب …  ؟ .

                 نقول ، أننا نراهن على الشعب العربي في مصر ، رغم حملات التضليل العاتية ، وقدرات أجهزة الاستبداد الواسعة ، ورموز الفتن المتنقلة ، ورغم الاختراق الذي أحدثته الصهيونية ، ورغم أن هناك كثر من المضللين أو المرتبطين بالمشروع الصهيوني يجيدون العربية ولهجاتها يروجون للصهيونية وينشرون أفكار الاستلاب والتسليم … ففي أكثر من محطة تاريخية كان الشعب العربي في مصر يفاجيء الأعداء منتفضاً ، وثائراً من حيث لا يحتسبون ، فعلها مع أحمد عرابي في نهاية القرن التاسع عشر ، وفعلها بتفجير ثورة 1919 في مطلع القرن العشرين ، وفعلها في منتصف القرن العشرين مع جمال عبد الناصر ، وقد آن الأوان أن يفعلها ، الآن ، بالأساليب المناسبة لما نحن فيه ، والتي لن يعجز عن إبداعها ، في مطلع القرن الواحد والعشرين …

                 يقولون ، ويهولوّن ، أن إلغاء “كامب ديفد” سيحمل لمصر الويل والثبور وعظائم الأمور ، وبالتالي لابد من الواقعية ، وتأكيد الاعتراف بدولة “إسرائيل” والتنسيق معها ، والحفاظ على 99 بالمائة من أوراق اللعبة في الجيب الأمريكي الواسع ، ولا مناص من تنفيذ ما يطلب من النظام خارجياً ليحافظ على استمراره  وإطلاق يد المافيات ، وحماية رموز الفساد وإطلاق يد أجهزة القمع وتعليق القوانين والأنظمة ، بفرض حالات الطواريء ، وتزوير الانتخابات ، وترتيب الاستفتاءات المزيفة ، وتحويل السلطة إلى إقطاعة تتوارثها العائلة الجماهيرية الجمهورية الملكية المالكة …

( 7 )

             نقول ، رغم ذلك كله نراهن على الشعب العربي في مصر الذي لم يعدم الوسائل المناسبة للانعتاق من ظروف مأساوية مماثلة ، وربما أكثر تعقيداً ، ونحن هنا سنضرب مثلاً شديد القرب ، ففي عام 1936 تذرّع القصر الملكي والأحزاب الرسمية ، بذات أسباب “كامب ديفد” ، لتوقيع “معاهدة 1936” المذلة والشبيهة بمعاهدة “كامب ديفد” الأكثر إذلالاً ، الأولى وقعها ملك ، والثانية وقعها مملوك ، ويسهر على تنفيذها ، حتى الآن ، مملوك آخر يستعد لتسليم المهمة إلى الوريث الثالث … في الحالة الأولى 1936 كان التبرير أن مقاومة الأنكليز غير ممكنة والإمكانيات غير متوفرة ، وأن الانكليز سيجتاحون كل شيء في مصر إذا تم إلغاء معاهدة 1936، رغم كل هذا التهويل الذي كان ينشره القصر وحاشيته والطبقة السياسية المتهتكة ، فإن الشعب العربي في مصر بدأ المقاومة وأطلق تنظيم كتائب الفداء العربي في مواجهة ثمانين ألفاً من الجنود البريطانيين المستعمرين على ضفاف القنال ، وكانت تلك العمليات الفدائية تسير بالتوازي ، والتنسيق والتكامل مع تطور تنظيم الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر ، العائد من حصار الفلوجة ، فقد كان الضباط الأحرار يشرفون على تدريب الفدائيين وتسليحهم والتنسيق بينهم والاشتراك في العمليات الفدائية ، نقول ذلك ، الآن ، للذين يحلوا لهم أن يشبهّوا ثورة 23 تموز “يوليو” بالانقلابات العسكرية الأخرى ، فالضباط الأحرار في مصر كانوا فصيلاً من فصائل الثورة التي امتدت فداء على ضفة القناة ، وثقافة في مشروع النهوض والتنوير ، وتحرراً من قيود التخلف ، ومن الاستلاب للتغريب في الوقت ذاته … وامتلاك رؤيا شاملة لمواجهة قوى العدوان ومخططاتها ، من جهة ، وامتلاك عوامل المنعة والقوة ، من جهة أخرى ، فارتبط مشروع التحرر والتغيير والنهوض في مصر ، بمشروع النهوض والتحرر القومي العربي من المحيط على الخليج …

( 8 )

                نقصد من ذلك كله استخلاص نتيجة مركزية نبني عليها ، وهي أن التغيير في ظل ظروف معقدة ، كالتي تمّر بها مصر ، الآن ، وأمتنا العربية عموماً ، لا يتم إلا بنهوض بنيوي شامل لجميع مكونات المجتمع على الصعد كافة ، ففي ظرف معين ، قد يكون تصدي المجتمع بالمقاومة المسلحة والعنف في طليعة الأساليب ، وفي ظرف آخر قد يكون العصيان المدني في مقدمة تلك الأساليب ، وفي ظروف أخرى قد يتصّدر أسلوب المقاومة السلمية والعلنية ، وتعطيل آلية نظم الاستبداد وأجهزته ، الأساليب الأخرى  …

( 9 )

                وبالعودة إلى تلك السنوات التي تلت معاهدة 1936 في مصر ، وللعلم فإنه ، وربما ليس بمحض الصدفة كان هناك معاهدات 1936 وبالتزامن في معظم الأجزاء العربية المحتلة الأخرى في فلسطين وسورية والعراق و….  نقول بالعودة إلى تلك السنوات في مصر ، نجد تعدّد وتنوّع الأساليب التي أبدعها الشعب العربي في مصر ، لمقاومة المستعمر الخارجي ، والطغيان الداخلي في الوقت ذاته مما       اضطر القصر إلى إلغاء معاهدة 1936 ، وسقط التهويل ، على العكس من ذلك ، فإن القوات المستعمرة البريطانية لم تتمكن من الهجوم بعد إلغاء المعاهدة … ، وإنما تم حصارها في ثكناتها من قبل طلائع الفداء العربي التي تشكلت على عجل ، واندفعت إلى القنال تحاصر المحتلين ، وتضعف قوى الاستلاب والخضوع للمخططات الاستعمارية ، وتمهّد الطريق ، في الوقت ذاته ، لثورة 23 يوليو “تموز” 1952 …

                لقد أطلق الشعب العربي في مصر على تلك السنوات التي أعقبت معاهدة 1936، وسبقت ثورة 23 تموز “يوليو” 1952 أنها سنوات الغضب ، ونحن الآن في سنوات الغضب التي تلت معاهدة “كامب ديفد” 1979 والتي تسبق ثورة الشعب العربي في مصر الذي سيحدد مواعيدها ، وكما كانت ثورة 1952 رافعة لمشروع النهوض والتحرر والتنوير القومي العربي التقدمي ، ستكون ثورة الشعب العربي في مصر للتغيير  اليوم ، أوغداً ، رافعة أكثر قوة وشموخاً وصلابة ، وسيكون الشعب العربي بين المحيط والخليج ، والذي تمرّس في دروس التجارب المرة أكثر وعياً واستجابة واقدر على المساهمة القومية في مشروع النهوض والتحرر والتنوير القومي العربي الذي ، إما أن يكون قومياً عربياً تقدمياً ، وإما لن يكون أبداً ….

( 10 )

               لهذا ، فإن ما يحدث في مصر ، هذه الأيام ، في منتهى الأهمية ، حيث القوى المضادة تسعى لتعبره بهدوء ، فيرحل الأب ، ويخلفه الابن ، أو أحد مخبريه ، ويبقى الحال على ما هو عليه ، وإما أن يضع الشعب العربي في مصر حداً لتلك المهزلة  …  وينطلق التغيير من مصر ليشمل وطن العرب بين المحيط والخليج …

الآن ، كيف يمكن أن نترجم هذا التلاحم الجماهيري العربي مع عرب مصر للخروج من المأزق الذي لا يوفر أحداً من العرب بين المحيط والخليج …؟ .

               أولاً : لابد من الاعتراف أن حال الجماهير العربية خارج مصر ليست أحسن حالاً ، بل ربما تكون في الغالب الأعم ، أكثر مأساوية ، لهذا فإن تلك الجماهير قد تكون بحاجة للعون ، وبالتالي ، فإن على جماهير مصر العربية أن تقلعّ أشواكها بأياديها ، فالجماهير العربية تنتظر المدد من التغيير الإيجابي في المركز العربي ، مصر …

                ثانياً : إن هذا لا يعني أن تستسلم الجماهير العربية خارج مصر للانتظار السلبي لما يحدث في مصر ، فالنظم الاستبدادية في الوطن العربي مترابطة ، وترضع من بعضها البعض ، وتتخذ من نجاح أسلوب معين في الاستبداد ، في جزء عربي ، ما ، وسيلة لتعميمه في باقي الأجزاء ، وبالتالي على الجماهير العربية مضاعفة نضالها للتخلص من الاستبداد في أجزاء الوطن العربي الأخرى ، لأن إضعاف الاستبداد في أي جزء من الوطن العربي يساهم في نضال الشعب العربي في مصر للتخلص من الاستبداد … وتلك هي المساهمة التي ينتظرها شعب مصر العربي من الأشقاء العرب . والتي سيردّها رياح حرية تعمّ الوطن العربي …

                 ثالثاً : الشعب العربي في مصر مدعو اليوم للاختيار ، وهناك من يقف خلف الأبواب لتزوير إرادته ، في مواجهة ذلك هناك من قرر المقاطعة لعدم وجود ضمانات ضد التزوير ، وهناك من قرر المشاركة لأن المقاطعة تعني إخلاء الساحة للمزورين ، ونحن نرى أن القضية أبعد أثراً من موضوع المشاركة أو المقاطعة ، فلا المشاركة في مجلس تشريعي لا يمتلك إرادة التشريع والقرار تجدي شيئاً ، ولا المقاطعة السلبية ستدفع النظام الاستبدادي للتخلي عن الاستئثار والتزوير … ، لهذا فإن القضية الأساس تتمثل في تكامل الجهود وتكاتف المناضلين في مختلف المواقع لتغيير بنية النظام الاستبدادي من الأساس ، وانتزاع الحرية والإرادة والقرار ، وبدون ذلك فإن المشاركة غير مجدية ، كما المقاطعة …

                  في سنوات الغضب التي أعقبت معاهدة 1936 المذلة ، وقبيل ثورة 23 تموز 1952 كانت جماهير الشعب العربي في مصر تفتتح المظاهرات والاعتصامات ، وهي تنشد : 

الثورة يا مصر … الثورة                ع الذل …… والاستعمار

بالدم     لآخر        قطرة                بالروح ، بالمال ، بالنار

يا نعيش في  مصر الحرة                يا نموت  موت الأحرار

                       الثورة   يا مصر  الثورة

حصون ………..  الطغاة                حتصبح ………… قبور

ودم ……………… الغزاة                حيجري ……….. بحور

وراية    النيل    الخضرة                بتنادي   بلادنا     الحرة

                      الثورة    يا مصر   الثورة

                أما في سنوات الغضب هذه الأيام ، فسينشدون ، وسنردّد معهم :

………………                ………………..

…………….                  ………………..

               ونحن ، بانتظار من يملأ الفراغات ……     

حبيب عيسى

E-mail:habib.issa@yahoo.com 

   

أضف تعليق