• أحمد عرابي في ميدان التحرير بالقاهرة … • أبو القاسم الشابي في ميدان الحرية بالقيروان …

على بساط الثلاثاء 112

  • · أحمد عرابي في ميدان التحرير بالقاهرة …
  • · أبو القاسم الشابي في ميدان الحرية بالقيروان …

1 ) الكتابة ، والكلام في هذا اليوم الطويل الممتد من “ثلاثاء الغضب” \ 25 يناير ، جانفيه ، كانون الثاني \ ، إلى ثلاثاء الحرية 1 شباط ، فبراير ، هذا اليوم الطويل ملك لشباب مصر الأحرار في ميدان التحرير ، وفي ميادين المدن والبلدات والدساكر في الجمهورية العربية المتحدة ، الكلمة لكم أيها الأبطال ، ولاصوت يعلوا على أصواتكم التي هزت عرش الطاغية … منذ أسابيع ، والشعب العربي بين المحيط والخليج يجلس على مقاعد الدراسة والتعلم ، وإن كان البعض منه ، بين درس وآخر ، قد انخرط في الواقع الموضوعي لتطبيق دروس عملية بين كل محاضرة وأخرى ، هكذا يتنقل الشعب العربي بين الأكاديمية العربية العليا لعلم الثورات في قرطاج ، وبين الأكاديمية العليا لعلم الحرية في الكنانة ، ورغم حالة التوحيد في المناهج ، وفي المحاضرين ، وفي الطلاب ، فأن لكل من الأكاديمتين شارتها الخاصة بها ، فأكاديمية قرطاج العليا وضعت شارتها على صدور المناضلين : “إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر” بينما أكاديمية الكنانة العليا استغنت فوراً عن “إذا” الشرطية ، وصممّت شارة مباشرة تقدم جواباً حاسماً عن إرادة الشعب: “الشعب يريد إسقاط النظام”

( 2 ) لامكان إذن لأي كلام آخر من قبلنا ، أو من قبل غيرنا ، إن “بساط الثلاثاء” مفروش لتلك الرؤوس العربية المرفوعة الشامخة التي ستنطلق اليوم من ميدان التحرير إلى الحرية الرحبة ، فقط أرجوا أن تسمحوا لي ببضعة سطور قليلة ، للذين فوجئوا بثورة الحرية في الكنانة ، وليقارنوا جيداً بين العبارات ، وبين الحدثين ، والمتحدثين : – الزمان : يوم 9 سبتمبر – أيلول – “أرجو من الأخوة العرب التوانسة وضع أسم الشهر بالعربي التونسي” 1881 . – المكان : ميدان قصر عابدين – القاهرة . – الفريق الأول : الخديوي توفيق بملابسه الحريرية إلى جانبه السير أوكلاند كولفن المراقب الأنكليزي الذي يهمس بأذن الخديوي : لاتخف ياجناب الخديوي إنهم لايجرأون … ، لاتخف وإلا فأنك ضائع ياسيدي . وخلفه أستون باشا الضابط الأمريكي ورئيس هيئة أركان حرب الجيش المصري وخمسة من الضباط ، وإثنان من الضباط الأجانب الأوربيين ومستر كوكس قنصل بريطانيا في الإسكندرية والجنرال جولد سميث . – الفريق الثاني : في ساحة القصر ، الضباط ، أحمد عرابي وأحمد بك عبد الغفار وعبد العال بك حلمي واسماعيل بك صبري وإبراهيم بك فوزي وفودة أفندي حسن وعلي فهمي قائد حرس الخديوي الذي انضم مع الحرس للثوار واصطفت ألوية الجيش والحرس خلفهم والمدافع مصوبة إلى القصر وجماهير الشعب تحيط بالجنود تهتف بحماس منقطع النظير : الشعب يريد إسقاط الطاغية ، ويخطب بهم الثائر الوحيد من خارج المؤسسة العسكرية : المناضل عبد الله النديم .

( 3 ) – المواجهة : يدخل الخديوي إلى القصر من باب خلفي للسراي أسمه “باب باريس” فيصدر اليوزباشي محمد أفندي السيد أمراً للبروجية بضرب نوبة “سونكي ديك” فأسرع العساكر إلى تركيب السونك في رؤوس بنادقهم وأحاطوا بالخديوي ، وصعق الخديوي كيف أن هؤلاء الجنود الفلاحين لايخافون ، فتوجه الخديوي صاغراً بطلب إلى البكباشي فودة أفندي حسن : أأمر العساكر أن ينفرجوا عنا يابكباشي ، فأمرهم البكباشي فودة ، وتوجه الخديوي ومن معه إلى ساحة القصر حيث ينصحه كلفن بالتوجه فوراً لمقابلة عرابي ورفاقه الثوار ، فتقدم الخديوي ومن معه باتجاه عرابي والجيش والشعب ، كولفن : هذه ساعتك ، الخديوي “هامساً” : نحن بين أربع نيران . كولفن : كن شجاعاً ، الخديوي : إنهم يقتلونا ..اقترب الخديوي ورفاقه من عرابي .

( 4 ) ألتفت عرابي إلى الضباط خلفه تماماً ، وصاح آمراً : أغمدوا سيوفكم وعودوا إلى الوراء ،لكن الضباط الذين تغلي الدماء في عروقهم رفضوا تنفيذ الأمر . ثم دار الحوار التالي بين عرابي والخديوي : الخديوي : ما أسباب حضورك بالجيش إلى هنا …؟ . عرابي : جئنا لنعرض عليك طلبات الجيش والأمة كلها ، وهي طلبات عادلة . – وما هي هذه الطلبات ؟ . • إسقاط الوزارة المستبدة وتشكيل مجلس نواب على النسق الأوربي وإبلاغ الجيش إلى العدد المعين في الفرمانات السلطانية والتصديق على القوانين العسكرية التي أمرتم بوضعها . – كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها ، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي ، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا . • لقد خلقنا الله أحراراً ولم نخلق تراثاً ولا عقاراً … فوالله الذي لاإله إلا هو إننا سوف لانورث ولا نستعبد بعد اليوم … كولفن للخديوي : أرى أن نعود إلى القصر يامولاي للتشاور … وعاد الخديوي مع الرهط الذي يرافقه لتدبير المكيدة والغدر بالثورة والتخلص من عرابي ورفاقه الثوار ، بينماعرابي يرفض رأي الجيش والشعب بالتخلص من الخديوي .

( 5 ) الآن التاريخ يعيد نفسه ، عرابي ، بالضبط ، هو شعب مصر العربي الأبي المحتشد في ميادين مصر ، الآن ، والخديوي ومن معه هو بالضبط حسني مبارك ومن معه ، وإذا كان عرابي قد قاوم رأي ضباطه بالتخلص فوراً من الخديوي لأسباب إنسانية ، فإن الخديوي لم يتردد في التآمر على الثورة ، ونفي عرابي ورفاقه إلى سيلان ، وهذا بالضبط مايحاوله حسني مبارك اليوم في مواجهة شعب مصر العربي العظيم …. لكنني على ثقة أن هذا الشعب الذي يعيرّونه أن لاقيادة له ، لن يلدغ من الحجر ذاته مرتين ، ولعل مصدر قوته أنه يقود نفسه بنفسه ، فأولئك الشباب العربي الشجعان الذين سيقبضون على الطاغية ، هم الذين سيعرفون كيف يفرزون قياداتهم من بين صفوفهم ، وغداً يوم عربي آخر … كلمة واحدة ختامية دعونا نرشح من سيرحل الثلاثاء القادم ، كلمة أوجهها إلى أبو تفليقة ، مارأيك ياسيادة الرئيس أن تغادر بإرادتك ، وتترك الجزائر بيد أبناء الشهداء ألا تستحق تلك الدماء الذكية أن ينتقل الأبناء من الإستقلال الشكلي إلى الحرية الحقيقية ، لماذا لاتتعظ ؟ ، الأول لم يفهم إلا في الربع ساعة الأخيرة ، والثاني يبدو أنه عصي على الفهم إطلاقاً ، حاول أن تفهم أنت قبل فوات الأوان …

حبيب عيسى mE-mail:habib.issa@ahoo.co

أضف تعليق