فلسطين العرب … عقود باطلة من بلفور إلى أوسلو ، وإلى …!

على بساط الثلاثاء
87
يكتبها : حبيب عيسى

فلسطين العرب …
عقود باطلة من بلفور إلى أوسلو ، وإلى …!

( 1 )
لقد كان الموقف من قضية فلسطين ، ومازال ، يعبّر عن الموقف المركزي من مشروع التحرير ، والنهوض ، والتنوير في الوطن العربي بين المحيط ، والخليج ، وليس موقفاً من جغرافية الجزء الفلسطيني المحتل من أرض العرب ، ولعل أخطر نتائج “سايكس بيكو” تمثلت في المحاولات المتتالية لفك الارتباط بين الأمة العربية ، وبين ذلك الجزء المحتل من وطنها في فلسطين ، وذلك بترسيخ النظام الإقليمي ، بحيث يكون لكل عربي دولة من وطن ، وشعب ، وسلطة ليست فلسطين جزء منه ، وإنما فلسطين ، إما على الحدود ، وإما بعيدة عن الحدود ، وبالتالي ، فإن الموقف من فلسطين ، بالنسبة إليهم ، هو موقف من قضية خارج الحدود ، لكل واحد منهم ، أن يتخذ الموقف الذي يخدم نظامه الإقليمي سواء بالوقوف مع السلطة الفلسطينية ، أو ضدها ، وانتهاء بالاعتراف “بدولة إسرائيل” الذي يعني أن المعترف لم يعد حتى على الحياد ، وإنما بات شريكاً في العدوان على فلسطين ، لأن الاعتراف “بدولة إسرائيل” يعني “شرعاً” أنه لا حقوق لشعب آخر ، وهو هنا الشعب العربي الفلسطيني بأرض فلسطين ، وإنما يعتبر “المعترف” أن الشعب العربي الفلسطيني يمارس العدوان على “دولة معترف فيها من قبله” ….
في ظل هذا الخلط المشبوه ، من الهام ، والأساسي تحديد الموقف القومي التقدمي العربي في مواجهة الهجوم الإقليمي النشط هذه الأيام على عقل الجيل العربي الجديد ، من هذه القضية المركزية ، ففلسطين ، وطناً ، وشعباً ، جزء من وطن الأمة العربية ، أرضاً ، وجزء من الأمة العربية ، شعباً ، وهي محتلة من قبل مستعمرات تم تركيبها بالعدوان ، والحل الوحيد هو بتحرير فلسطين ، كل فلسطين ، واستعادتها لأمتها العربية ، ولا يملك أحد في الوطن العربي ، أوفي الجزء الفلسطيني منه ، أو في العالم أن يفاوض ، أو يتفاوض ، أو يتنازل ، أو يقايض على ذرة تراب واحدة من أرض فلسطين المقدسة وطنياً ككل ارض العرب ، وعندما قلنا أن وعد بلفور هو عطاء ممن لا يملك لمن لا يستحق ، فإن كل العقود ، والعهود ، والوعود ليست إلا بلفوريات ينطبق عليها ما ينطبق على وعد بلفور ولا يشفع لهم أنهم ينطقون بالعربية ، بل يضيف إلى جرم العدوان ، جرم آخر هو جرم الخيانة …
نريد من ذلك القول أن الموقف القومي العربي التقدمي من قضية فلسطين ليس موقفاً تكتيكياً ، ولا هو موقف مناسبات ، وإنما موقف مبدأي يرتبط بوجود الأمة العربية من عدمه …وفي هذا المجال سأعرض لمقابلة أجرتها معي “مجلة فلسطين الثورة” ، منذ سنوات عدة ، تحمل موقفي من قضية فلسطين في ذلك الحين ، وهو ذاته موقفي الذي كان قبل عقود من إجراء تلك المقابلة ، ومازال هذا هو موقفي بعد سنوات ، وحتى هذه ، وأعتقد أن ذلك الموقف سيرافقني إلى ما تبقى لي من الأيام ، فإلى نص المقابلة كما ُنشرت في 1/1/1996 :
( 2 )
مجلة “فلسطين الثورة” :
* حبيب عيسى :
• لا أرى مبرراً ، لحالات العويل ، أو الندب من ، أولئك الذين يتباكون على مصير الأمة …
• الطرف الرسمي “العربي” ، المتهالك ، لا يملك من الشرعية أكثر مما يملكه العدو الصهيوني ، ذاته …
• ما يجري ،الآن، هو تعاقد بين اللصوص ، والقراصنة .
• لننتقل ، بالثورة العربية ، من مرحلتها الإقليمية ، إلى المرحلة القومية العربية …
• نحن أمة ، صنعها التفاعل التاريخي ، وتمتلك من المخزون الحضاري ، ما يكفي للحياة ، في أحلك الظروف . . .
• رأينا في ” فتح ” ملامح مشروع قومي عربي، لتحرير أرض الأمة …
• أية قوة إقليمية ، لا تمتلك موضوعياً ، إمكانية الانتصار ، في معركة الأمة ، القومية ….
• لا أجد ، مكاناً ، لواو العطف ، بين ، العروبة ، والإسلام ، في الوطن العربي …
(مقدمة :
” الكاتب العربي ، الأستاذ حبيب عيسى ، محام ، ومناضل قومي وحدوي ، تقدمي ، هاجسه الدائم ، في كل أقواله ، وأفعاله ، هو ، الهم العربي القومي ، إنه واحد ، من جيل الإخلاص ، والنقاء ، والاستعداد ، الذي ، لا حدود ، له ، للبذل ، والعطاء ، والذي ، تتعاظم ثقته ، يوما بعد يوم ، وأكثر ، فأكثر ، بحتمية انتصار أمته العظيمة ، واحتلالها المكان اللائق ، الإيجابي ، الذي تستحقه ، في الحياة الدولية ، والإنسانية . إنه ، من الجيل الذي يسعون ، لاستئصاله ، وأبادته ، فلا يزداد ، إلا رسوخا ، وقوة ، وحيوية . ” فلسطين الثورة ” ، حاورته ، …. ، وفيما يلي ، نص الحوار” :
( 3 )
● نبدأ الحديث ، بالسؤال ، عن رؤيتكم ، للصراع العربي- الصهيوني ، بعد “إتفاقية أوسلو”، وسلطة الحكم الذاتي ، في أريحا …؟
●● لابد من الاعتراف ، بداية ، أنني لست من هؤلاء الذين يشاركون في الاحتفالات الجنائزية ، التي ، تتحدث عن ، خروج العرب ، من التاريخ ، والجغرافيا ، والحياة ، بل ، لعلي لا أبالغ إذا قلت ، لك ، أنني أكثر يقينية بعظمة هذه الأمة العربية ، بثوابتها ، ووجودها ، ومقدرتها على الانتصار ، والاستمرار ، من ، أي وقت مضى . وإنني ، لا أرى مبرراً ، لحالات العويل ، والندب ، واللطم ، من ، قبل أولئك الذين يتباكون على مصير الأمة ، ويتحدثون ، عن الزمن الرديء ، وعن هزيمة الأمة ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، لا أرى مبرراً ، لكرنفالات الاحتفال ، بوفاة العرب ، والانتصار عليهم ، التي ، تقام في قصور ، ومحافل ، أعداء الأمة العربية ، .. فلا هؤلاء ، ولا أولئك ، يدركون حقيقة ، هذه الأمة ، وثوابتها ، و إلا ، لكفوا عن العويل ، من جهة ، و لكفوا ، عن الاحتفالات ، بوفاتها ، في الطرف الآخر ، ففي التوابيت ، التي تصطف على طول الأرض العربية وعرضها ، كيانات إقليمية ، تحتل الأرض العربية ، وتشترك مع الصهيونية والإمبريالية العالمية ، في العدوان على الأمة العربية ، وفي التوابيت ، الأساليب الرديئة ، في المقاومة ، وفي التوابيت ، أعداء الأمة ، والذين بددوا طاقاتها ، وإمكانياتها ، وبالتالي ، لابد من مواجهة التضليل الذي يصور ما جرى ، ويجري ، على ، أنه ، اتفاق ، أو تفاوض ، أو تعاهد ، أو إذعان (عربي ، للصهاينة)، فالعرب ، ليسوا طرفاً ، بما يجري ، على الإطلاق ، وإن كان التعاهد ، والتعاقد ، يشمل ، ويتضمن حقوقا للعرب ، وثروات للعرب، لكنها ، حقوقاً مسروقة ، وما يجري ، هو تعاقد ، بين ، اللصوص ، والقراصنة، إنه تعاهد ، بين ، أطراف العصابة ، ذاتها، إنه تعاهد ، وتعاقد ، داخل المعسكر المعادي ، للأمة . إنه ، تنظيم لعلاقات التصالح ، وربما التصادم ، أحياناً ، داخل عصابة اللصوص ، والقراصنة ، الذين يحتلون الأرض العربية ، ويضخون الثروات العربية ، لصالح الإمبريالية ، متعددة الجنسيات ، أو ، وحيدة الجنسية. وبالتالي ، فإن ، كل ما تراه ، الآن ، من مهانة ، ومن عقود إذعان، تجري بين الدول ، التي تسمى “عربية” ، وبين “دولة” الصهاينة ، في فلسطين ، وكل ما تراه ، الآن ، من عقود ، بين شخصيات ، ومنظمات ، ورجال أعمال، بما ، في ذلك ، اتفاق أوسلو ، وما تلاه … إن ، كل ذلك ، لا يمكن ، أن ينسب إلى العرب ، ولا ، إلى الأمة العربية، وإنما ، الأمة ، براء من كل هذا ، وسيكتشف الصهاينة ، بعد حين ، أن الصكوك ، والعقود ، التي حصلوا عليها ، لا تمنحهم الشرعية ، التي يبحثون عنها، ذلك ، لأن ، الفريق الآخر ، في تلك العقود- وعلى طول الخط – و أياً ، كان ، أو سيكون ، لا يملك من الشرعية ، أكثر مما تملك “إسرائيل ” ذاتها، وفاقد الشيء ، لا يعطيه. إنهم ، و”إسرائيل ” ، شركاء في العدوان ، على الأمة العربية ، إنهم ، جميعاً ، أولاد ، غير شرعيين ، ينسبون ، أنفسهم ، إلى الأمة العربية ، زورا ، وبهتاناً ، إنهم ، أولاد ، “سايكس – بيكو” ، و”سان ريمو” ، و”سيفر” ، ومؤتمرات لندن ، وباريس ، وواشنطن ، و يالطا ، ومالطا ، ونيويورك ، وعصبة الأمم ، وهيئة الأمم ، وإلى آخرهم ، إنهم ، كيانات الواقعية ، والوقيعة ، والعدوان، وسواء ، تصارعوا على ما يسرقونه ، من أرض العرب ، أو تصالحوا، سواء ، تشاجروا ، أو تعاونوا ، فإن هذا ، لا يغير من حقيقتهم ، شيئاً . كما ، أن ، كون ، بعض سكان “الكيان الصهيوني” ، تم ، استيرادهم ، بالعملة الصعبة ، من الخارج ، لا يعني ، أن ، ما يسمى دولتهم ، تختلف ، عن الدول المنتشرة ، بين ، المحيط والخليج ، من ، حيث الوظيفة ، والمهمات العدوانية ، على الأمة . بعد هذا ، كله ، يتحدثون ، وكأن ، قيام سلطة الحكم الذاتي ، في غزة ، أو حتى ، قيام دولة أريحا ، قد ، تنهي الصراع (العربي- الصهيوني).. لماذا.؟. وماذا يمكن ، أن تضيف “دولة أريحا” ، إلى ـ تلك الجوقة المعادية ، للأمة …؟ ، وماذا ، يمكن أن تغيرّ من طبيعة الصراع العربي- الصهيوني ..؟. ، ولما ذا يحاولون تصوير ، قيامها ، وكأنه ، قد وضع حداً للصراع ( العربي – الصهيوني) ، وهزم العرب ، نهائياً ، وولد “الشرق الأوسط” ، الذي يقيمون الاحتفالات ، بميلاده الميمون ، على أنقاض الأمة العربية..؟. إن هذا ، ما يتوهمون .. ، هم . لكن ، الحقيقة ، شيء آخر، هناك ، أكثر ، من عشرين (دولة) ، أو كيان ، تنتشر على طول الأرض العربية ، وعرضها ، منذ أكثر ، من ، نصف قرن . تنشر ، الفساد ، والإفساد ، والقهر ، والفتك ، وتضخ ثروات العرب ، إلى الخارج ، وتوظف ، ما يتبقى منها ، لتدمير المجتمع العربي ، والأسرة العربية ، والأخلاق العربية، والحياة العربية ، وتقف ، تلك الكيانات ، التي تسمى ، دولاً .. ، تقف ، حائلاً ، وحاجزاً ، بأجهزتها ، و هيلها ، وهلمانها ، وغلمانها ، بين ، العرب ، وبين تحرير فلسطين، وتقف حاجزاً ، بين ، العرب ، وبين تحقيق وحدتهم ، وتحرير أراضيهم ، ومواجهة أعدائهم ، وتحرير ثرواتهم ، وتوظيفها ، في إطار التنمية ، والبناء الحضاري … فماذا ، لو ، أضيف ، إلى ذلك ، كله ، دولة في أريحا..؟. وماذا يغيّر ، هذا ، في الواقع العربي المحاصر..؟.. لا شيء ، على الإطلاق..، وما عجزت/ 22/ دولة ، وكيان ، عن فعله ، لن تنجح ، بتحقيقه ، دولة أريحا ، أو غزة… ، وبالتالي ، فإنني ، لا أرى جديداً في الصراع العربي- الصهيوني ،… إنه ، صراع الوجود ، الذي سيستمر ، إلى ، أن ، يزال الوجود الصهيوني ، بهذا الشكل ، أو ذاك ، بهذه الطريقة ، أو تلك .. ، ولا أقول سيستمر الصراع ، إلى ، أن ينتصر العرب ، أو ينتصر الصهاينة.. ، ذلك ، لأن الوجود العربي ، الحضاري ، العملاق ، أكبر ، من مقارنته ، بالوجود الصهيوني الطارئ ، المفتعل ، وأكبر ، من ، أن ، تهدده دول التجزئة ، والأحلاف ، والمعاهدات الدولية، كل ، ما هنالك ، أن ، أسلوب الصراع العربي- الصهيوني ، سيتغير، فقد ، حسم الأمر ، الآن . لم ، يعد ، من الممكن ، الاعتماد ، على الدول التي تسمى ” العربية” ، في إدارة الصراع ، مع الصهيونية ، فهي ، الآن ، وعلى رؤوس الأشهاد ، طرفاً مع الصهيونية ، في التعاهد ، والتعاقد ، ضد الأمة العربية ، ولم يعد من الممكن الآن الاعتماد على المنظمة (الإقليمية) الفلسطينية ، في إدارة الصراع ، مع الصهيونية ، فهي ، والصهـيونية ، كما ، يقول رئيسها (شركاء في التحالف)…! إذن ، يتم الانتقال ، الآن ، للأسلوب الجديد ، في إدارة الصراع ، مع الصهيونية ، لكن هذا حديث آخر.
( 4 )
● إنك تبدو متفائلا .. فهلا عرضت أسباب تفاؤلك ؟
●● أنا متفائل ، لاشك في ذلك ، كان يمكن أن أقول لك ، كما يقول المتفلسفون ، أن المسألة ، ليست مسألة تفاؤل ، وتشاؤم ، وأن أبرر هزائمي ، بالحديث عن الظروف الموضوعية ، ومؤامرات القوى المعادية .. وإلى آخره .. ، لكنني ، أقول لك ، بحزم ، بالإضافة ، إلى كل ما يمكن أن يقال ، ولا يتسع له ، لقاء صحفي عاجل ، أنني شديد التفاؤل بالمستقبل، بمستقبل الأمة العربية. وأنا شديد الفخر بانتمائي لأمتي العربية، منبع الحضارات ، والعلوم الإنسانية ، والشعر، والفن ، والأديان . لكننا ، أمة ، معتدى عليها ، وهذا لا يعيبها في شيء ، غداً ، أو بعد غد ، ستعرف كيف تنهض ، وعندها ، سيكون هذا العالم ، غير العالم ، الذي تراه الآن . نحن ، أمة ، صنعها التفاعل التاريخي ، ولم تصنعها النظم ، والمعاهدات الدولية . لسنا ، كالإتحاد السوفييتي ، ينهار وجوداً بمجرد انـهيار النظام الشمولي . لسنا ، أمة ، قائمة على المصالح ، كالولايات المتحدة الأمريكية ، التي ستنهار عند أول هزة اقتصادية ، تتعرض لها الشراكة القائمة بين الاحتكارات الدولية على نهب ثروات العالم . ولسنا دولة أقامتها ، التحالفات الدولية ، كيوغسلافيا . نحن ، أمة عريقة ، تتعرض ، لعدوان شرس مستمر، منذ قرون ، والأمة العربية ، باقية ، بدون نظام يوحدها ، وبدون تنظيم ، بدون دولة قوية ، منذ قرون ، ورغم ذلك ، ما تزال ، حية ، باقية، كلما أقاموا الاحتفالات ، بوفاتها ، برزت للحياة ، بصيغة ، أو بأخرى .. ، إنها ، أمتنا ، التي تمتلك من المخزون الحضاري ، ما يكفي للحياة في ظل أحلك الظروف . لقد احتلوا القدس ، وحررها صلاح الدين، واحتلوا الأرض العربية ، كلها ، وهبّت الثورات ، في كل مكان من الأرض العربية ، والمجال ، هنا ، لا يتسع لسرد الأسماء ، والحوادث ، وما تراه الآن ليس إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة .
( 5 )
● في ذكر ى انطلاقة “فتح” ، وانطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة – عام 1965- ماذا تقول ؟
●● اسمح ، لي ، أن أصحح .. ، إن ” فتح ” ، لم تكن ، بالنسبة لنا ، نحن القوميين ، حركة إقليمية “فلسطينية” ، لقد رأينا في انطلاقتها ، ملامح مشروع قومي عربي ، لتحرير أرض الأمة ، وتوحيدها ، لكن ، ولأسباب كثيرة ، لا مجال ، للخوض ، بتفاصيلها ، الآن ، تمكن الإقليميين ، من داخل “فتح” ، ومن خارجها ، تمكنوا من تحويلها ، شيئاً ، فشيئاً ، من مشروع قومي عربي ، إلى مشروع “فلسطيني” ، وربما إلى أدنى من ذلك ، وبقدر ، ما كانوا ينجحون في ذلك ، كانوا يعزلون الثورة ، عن جماهيرها العربية ، ويتحولون إلى “منظمة إقليمية” ، يضعونها ، في سياق اللعبة السياسية ، “للدول العربية” ، و ” لدولة ” الصهاينة . وكلما ، كانوا يتقدمون على الطريق الإقليمي ، كانوا ، يفترقون ، عن الجماهير العربية ، وبالتالي ، يعرضوّن أهلنا ، عرب فلسطين ، للحصار ، والمذابح . ويقتربون من تحقيق التسوية ، التي نراها ، الآن ، ويتحولون إلى جزء من القوى الإقليمية ، والدولية المهيمنة ، على الوطن العربي . المهم الآن – وبدون بكاء على الأطلال – الانتقال إلى الأسلوب القومي ، الناجع ، في مقارعة أعداء الأمة ، من ، صهاينة ، وسواهم ، وما ، وقعت فيه “الثورة الفلسطينية” ، وقعت فيه ، قوى كثيرة أخرى ، في الواقع العربي ، حملت راية التحرر ، لفترة ، ما ، ثم ، خبت . كل ، الثوار ، الذين قارعوا المستعمر ، في الوطن العربي ، خلال هذا القرن ، العشرين ، انتهت ثوراتهم ، بإقامة دول إقليمية على الأرض العربية ، ثبت ، بالممارسة الفعلية ، أنها ، أشد فتكاً ، وخطراً ، من المستعمر ، ذاته . حتى ، ثورة المليون شهيد ، في الجزائر ، التي تغنى ، بها ، أطفال العرب ، من مشرقهم ، إلى مغربهم ، تحولت إلى ، دولة إقليمية ، تفتك ، بعرب الجزائر ، الآن . باختصار شديد .. لابد ، أن ، نكف ، عن تعذيب النفس ، وأن نتجه ، إلى المستقبل ، للانتقال ، بالثورة العربية ، من مرحلتها ، المصرية ، والجزائرية ، واليمنية ، والسورية ، والعراقية ، والمغربية …وإلى آخرها ، “الفلسطينية” ، الانتقال ، بالثورة ، إلى ، مرحلتها القومية . ولنبدأ من ، الآن . وكل ، من ، موقعه . وإننا ، إذ ، نقول ، أن الاعتماد على قوة إقليمية ، في تحقيق الأهداف القومية ، قد ، فشل ، ولو ، كانت ، تلك القوة الإقليمية ، ترفع ، ذات الأهداف القومية. فإننا ، نقول ، من جهة أخرى ، أن ، أية ، قوة إقليمية ، لا تمتلك موضوعياً ، إمكانية الانتصار ، في معركة الأمة العربية ، مهما امتلكت . إن ، هذا يحّتم على الذين يحملون راية الأمة العربية ، أن ينتقلوا ، بالثورة العربية ، إلى مرحلتها القومية ، نشأة ، وفكرا ، وعقيدة ، وتنظيماً . و أن يكفوا ، عن الانغماس بالماضي ، ومستنقعاته ، وفتنه ، فقط ، أن يستخلصوا الدروس ، لتجنيب المستقبل العربي ، الهزائم ، والنكسات ، و الخيبات .
( 6 )
● يكثر الحديث ، هذه الأيام ، عن ، العروبة ، والإسلام ، والحوار القومي الإسلامي .. ، كيف ترى مستقبل هذا الحوار ؟
●●.. أريد ، أن أقول لك شيئاً ، يؤرّقني ، فمنذ زمن ، وأنا أستمع إلى هذا الضجيج ، الذي ، يثار ، بعفوية ، أحياناً ، أو بافتعال ، أكثر الأحيان ، عن العروبة ، وعن الإسلام . إنني ، باختصار شديد ، لا أجد مكاناً ، لواو العطف ، هذه ، بين العروبة ، والإسلام ، إن ، الإسلام ، يمكن أن يضاف بواو العطف : إلى ، الفرس ، والباكستان ، والإندونيس ، والأمريكان ، والأوربيين .. ، وإلى ، كل ، أولئك ، الذين ، حمل إليهم العرب ، الدين الحنيف ، فالإسلام ، جاء إضافة إلى ، قومياتهم ، وتكويناتهم المجتمعية. لكن ، الإسلام ، في الأمة العربية ، مختلف ، إنه ، ثورة الأمة العربية ، للتحرر، به تحررت ، وفيه اكتملت تكويناً. وبالتالي ، فإنه ، في الوطن العربي ، في الوطن العربي تحديداً وحصراً، لا يمكن الفصل ، بين ، العروبة ، والإسلام ، فالعروبة ، هي ، إسلام ، الثورة الاجتماعية ، والتوحيد القومي ، والتحرر من الطغاة ، كما أن الإسلام ، هو ، عروبة الحضارة ، والتفاعل ، والمساواة. وهذا حديث طويل ، لكنني ، أنبّه ، من المصطلحات المشبوهة.. فما ، هو المقصود ، بالحوار (القومي- الإسلامي) . ، وهل ، هذا يعني ، أن القومي العربي ، ليس ، مسلماً ، أو يعني ، أن ، المسلم العربي ، ليس قومياً عربيا… ، فمتى ، كان انتصار العربي ، ليس ، انتصاراً ، للإسلام… ؟ ومتى ، كانت ، هزيمة العرب ، ليست ، هزيمة للإسلام …؟ ، إن ، هذا الموضوع ، وإثارته ، واصطناع ، فريقين ، للحوار ، أو ، للصراع .. يجب إعادة النظر ، فيه، إنه ، يندرج ، تحت بند الفتنة ، وعقل الفتنة ، وعصر الفتنة ، الذي ، يجب أن ينتهي . لقد ، حملت ، هذه الأمة ، عن طريق بعض الحواريين ، الذين تجمعّوا حول السيد المسيح ، الذين ، لا يتجاوز عددهم ، عدد أصابع اليد ، إلى الغرب ، دين السيد المسيح . ثم ، حملت ، هذه الأمة ، إلى العالم ، دين خاتم النبيين ، جدنا ، محمد بن عبد الله . ولا ، يهم ، إن كان البعض ، هنا ، أو هناك ، قد أخطأ ، أو ، انحرف . المهم ، أن ، أحداً ، في ، هذا العالم ، لا يملك ، أن ينكر على ، أمتنا ، أنها ، حملت عبء إيصال الرسالات السماوية ، إلى الإنسانية ، وبالتالي ، فإننا ، ننكر ، على ، أية ، قوة في العالم ، أن تغزو أرضنا ، بحجة ، أنها ، تعلمنا ، ديننا ، الذي نعرف ، منه ، وعنه ، أكثر ، مما يتصورون …..
مجلة “فلسطين الثورة”
عدد ( 644) تاريخ 1/1/1996 :
( 7 )
عود على بدء :
ما نود قوله ، وتأكيده ، هو أن القضايا المصيرية ، الإستراتيجية ، لا تحتمل وجهات النظر ، وبالتالي ، فإن الإصرار على تكرار طرحها على بساط البحث بمناسبة ، وبغير مناسبة لا يهدف غالباً إلى تسليط الضوء عليها ، وإنما يهدف إلى تبرير المواقف التي تفرّط ، وتساوم تحت عناوين مختلفة ، من اختلاف وجهات النظر بين مواقف تبحث عن الحلول الوسط ، أو تبحث عن “السلام” ، وبالتالي تغدو المواقف التي تطالب بالحقوق العربية ، وكأنها مواقف متطرفة ، أو غير واقعية ، أو مواقف طوباوية ، أو حتى إرهابية ، لهذا نقول بأكبر قدر من الوضوح ، أن حقوق الأمة العربية في فلسطين غير قابلة للتفاوض ، وليس هناك سلام عادل وشامل إلا ذلك السلام الذي يزيل المستعمرات الصهيونية من فلسطين العربية ، ومادون ذلك ليس أكثر من وعد بلفور جديد …. أياً كان أسم البلفور الجديد … سواء كان يحمل جنسية واحدة من دول النظام الإقليمي في الوطن العربي ، أو بطاقة السلطة الفلسطينية ، أو أية جنسية أخرى من هذا العالم …..
باختصار شديد ليس هناك “سلام شامل وعادل مع إسرائيل” ، فتلك شراكة بين النظام الإقليمي وبين الصهيونية في العدوان على الأمة العربية ، أما السلام العادل والشامل موضوعياً فيكون بتحرير فلسطين ، وسائر أرجاء الوطن العربي من المستعمرات الصهيونية ، ومن الدول الواقعية ، ومن مختلف أشكال الاحتلال والتجزئة ، وإقامة دولة العرب الواحدة التي تتيح الحياة الحرة الكريمة لجميع أبناء الأمة دون تمييز …
حبيب عيسى

أضف تعليق